قراءة في الوثيقة السياسية لجماعة العدل والاحسان ..الملاحظة السادسة

صفحة الاستاذ ادريس العمراني المحامي

مايلاحظ عن الوثيقة السياسية أنها غير منبثقة وصادرة عن جماعة تؤمن بالدولة المدنية ،جماعة تغلب النظرة الكونية والحقوقية والإنسانية للمشروع الذي تنوي الجماعة المشاركة السياسية فيه.

فإذا كانت الوثيقة السياسية صادرة عن الدائرة السياسية الطامحة للمشاركة السياسية فإنها تستمد مشروعها ومنطلقاتها وافقها من الآية الكريمة:((إن الله يأمر بالعدل والإحسان))معتبرة بالصفحة 9ان:((الإحسان هو سلوك الفرد إلى الله تعالى بتربية إيمانية غايتها رضى الله وطلب وجهه الكريم ،فان العدل هو تهمم بأمور الناس و بشأنهم العام ومواجهة الظلم ونصرة المستضعفين ،احقاقا للحق وللكرامة الإنسانية وللحرية المدنية)).

فالجماعة بهذا التعريف تعطي الأسبقية للاحسان قبل العدل ضدا على الترتيب الوارد في الاية القرآنية وفي اسم الجماعة نفسها الحامل لاسم العدل والاحسان ،وهذامايخلق نوعا من الشكوكية في نوايا الجماعة وصدق توجهاتها واولوياتها عند مشاركتها مستقبلاً في الحياة السياسية .. فاعطاء الأولوية في التقديم والتصدير للاحسان وللجانب الدعوي والتربوي ،لايتماشى مع ماتدعيه الجماعة في باقي المحاور.

فرغم إقرار الوثيقة السياسية في الصفحة 17الى أنه:((يهدف المشروع التغييري لجماعة العدل والإحسان إلى تحقيق العدل الذي هو قرين الإحسان.))واعتبارها أن:((التغيير السياسي في مشروع الجماعة يرتبط إذا على مستوى مبادئه وقيمه ارتباطا وثيقا بالمشروع الدعوي العام وبالتغيير التربوي والأخلاقي))(ص17) فالجماعة لم تنسلخ ولم تتخلى عن هويتها ومرجعيتها الدعوية بقولها ((جماعة العدل والإحسان حركة إسلامية مغربية الأصل والمنشأ وجماعة دعوية وتربوية….))(ص17) مضيفة ((تنطلق المرجعية التنظيرية لجماعة العدل والإحسان من المنهاج النبوي بما هو آلة للعلم ومرشد للعمل ،بقراءة متجددة لكتاب الله وسنة رسوله…))(ص18.) ومضيفة ((ينبثق المشروع السياسي لجماعة العدل والإحسان عن الرؤية العامة الناظمة لمشروع المنهاج النبوي التغييري…))ومضيفة كذلك أنه ((…بل نقول دون مواربة أنه لا مشروع سياسي في تصور العدل والإحسان دون أساس تربوي وافق دعوي)).(ص24).

فجماعة العدل والاحسان المتمسكة بالأساس التربوي والافق الدعوي وبالمنهاج النبوي في نظرتها للمشاركة السياسية المستقبلية تكون قد اوهمت السادة الفضلاء الديمقراطيين الذين استدعتهم لحضور حفل تقديم الوثيقة السياسية بكونها غيرت نفسها والحال أنها لازالت تتشبث بنفس مبادئها القديمة.

يتبع… الاستاذ ادريس العمراني ونائب رئيس جمعية مبادرة للمواطنة والحقوق.

Toutes les réactions :88

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*