اود ان اطرح امام المغاربة الذين التحقوا للعيش في دولة اسرائيل مسالة حل الدولتين في فلسطين ومناقشة فكرة مدى صحة الرأي. الذي يرى ان حل الدولتين في فلسطين .حل حكيم ويخدم السلام وفيه مصلحة كبرى لاسرائيل .
ذلك ان العديد من المحللين يعتبرون أن حل الدولتين هو الحل “السليم” ويخدم الاستقرار والسلام و فيه مصلحة إسرائيل . وهو راي له ما يسنده من منطلق سياسي واستراتيجي، لكنه يبقى موضع خلاف عميق داخل إسرائيل وخارجها. ونرى ذلك على ثلاث مستويات: -مصلحة إسرائيل ، تكمن في صورتها في العالم ورفض الشعوب العربية لها وكذلك فيئات واسعة من يهود العالم والعديد من اوساط الشعوب الغربية :
//1 . فيما يخص مصلحة إسرائيل:
القول إن حل الدولتين يخدم مصلحة إسرائيل ليس جديدًا. بل هو ما دافعت عنه نخبة من الساسة والجنرالات والأمنيين الإسرائيليين السابقين (مثل إيهود باراك، إيهود أولمرت، ورئيس الموساد الأسبق تمير باردو وكذلك الزعيم الاسرائيلي الذي اغتياله المتطرفون في اسرائيل لانه عقد اتفاق اوسلو السلام مع ياسر عرفات ). و الحجة الأساسية لديهم هي:
– أن استمرار السيطرة الإسرائيلية على كامل الأرض، من النهر إلى البحر، مع وجود ملايين الفلسطينيين، إما أن يجعل من إسرائيل:
– دولة فصل عنصري إذا منعت الفلسطينيين من حقوق المواطنة،
أو تفقد طابعها اليهودي إذا منحتهم حقوقًا كاملة.
لهذا، يعتبر حل الدولتين مخرجا يحفظ الطابع اليهودي والديمقراطي للدولة كما يسوّق لها على المستوى الاعلام الموالي لها .
//2 . أما في ما يخص الحرزوب وصورة إسرائيل عالميًا:
فان استمرار إسرائيل في الحروب الدموية (خاصة في غزة ولبنان واخيرا في سوريا والاستمرار في احتلال اراضي الجيران) تتسبب في:
– تآكل شرعيتها الأخلاقية في الغرب، خصوصًا بين الأوساط الشابة والجامعية. حيث تتزايد الحملات لمقاطعتها .
– الدخول في أزمات دبلوماسية مع حلفاء سابقين مثل جنوب إفريقيا، بل وحتى بعض الدول الأوروبية.التي أعلنت اعترافها بالدولة الفلسطينية وعدم رضاها على الإبادة الجماعية الفلسطينيين وارغامهم على مغادرة ارضهم قهرا . رغم ان هذه الدول داعمة. لاسرائيل وتقوم بتسليحها وتعتبر المقاومة الفلسطينية بأنها عمل إرهابي .
وكل هذا يعمق من عزلتها الدولية، ويجعل من الصعب تسويقها كـ”دولة منفتحة” وقد تبخرت بالفعل صورة اسرائيل كاكبر “ديمقراطية”. في الشرق الاوسط وتخل محلها صورة وسمعة الدولة التي تقوم بالابادة الجماعية لشعب بأكمله .
// 3. في ما يخص موقف شعوب المنطقة:
حتى في مراحل “التطبيع”، بقي الرفض الشعبي العربي والإسلامي قويا تجاه إسرائيل. لأسباب أساسية منها :
– جرائمها المتكررة في حق الفلسطينيين. وتسليح وحماية اعتداءات المستوطنين بحماية من الجيش الاسرائيلي مما اخذ يطرح السؤال حول ما عدد المدنيين من الاسرائليين .
– رفضها التنازل عن السيطرة الكاملة أو احترام القرارات الدولية.
– غطرستها العسكرية واستثمارها للانقسام العربي. والانتشاء بالدعم الامريكي المبالغ فيه .
وبالتالي، يرى كثيرون أن حل الدولتين قد يسهم في كسر هذا الحاجز النفسي والسياسي لدى الشعوب، بشرط أن يكون حلاً عادلاً لا مجرد مناورة شكلية للالتفاف على حقوق الفلسطينيين…
لكن بالمقابل، هناك من يشكك في جدوى حل الدولتين :
فهناك من يرى أن إسرائيل أفرغت هذا الحل من مضمونه عبر التوسع الاستيطاني.
وهناك من يرى أن “حل الدولة الواحدة” الديمقراطية، هو السبيل العادل الوحيد، رغم أنه يصطدم بعقيدة صهيونية ترفض التعايش السكاني. ويعود بنا الى نشأة اسرائيل الأولى سنة 1948 التي تمت باسلوب عنيف وارهابي حيث ارتكبت مذابح بشعة في حق الفلسطينيين وتم تهجيرهم وطردهم من مساكنهم واراضيهم … فنشاة اسرائيل كانت مبنية على العنصرية والجرائم ضد الإنسانية . فهل يمكنها أن تقوم بمسح هذا التاريخ الاسود من خلال التوجه الى بناء دولة تعددية ديمقراطية . او القبول بالعيش المشترك الى جانب دولة فلسطينية ذات سيادة ومتعاونة مع اسرائيل .
– خلاصة القول انه من منظور استراتيجي عقلاني، يظهر ان حل الدولتين قد يخدم مصلحة إسرائيل ويجعلها تتجنب مزيدًا من العزلة والرفض…
لكن النخبة الحاكمة الحالية (نتنياهو، الصهيونية الدينية، المستوطنون المسلحون والذين تم جلبهم من مختلف الجنسيات والالوان و مناطق العالم باسم اساطير ارض الميعاد ) لا تؤمن بهذا الحل وتفضّل “السلام مع الأنظمة والتطبيع الاقتصادي” دون تقديم تنازلات.او التغيير من طبيعتها العدوانية واطماعها التوسعية .فخريطة اسرائيل الكبرى مازالت لم تكتمل . إضافة إلى أنها تسعى بوضوح إلى اضعاف الدول المجاورة ،وحتى من بين الدول المطبعة معها .وذلك لتتمكن من بلوغ اهدافها بالعنف العسكرى .
فالرفض الشعبي لإسرائيل سيظل مستمرًا طالما استمرت سياسة الاحتلال والعدوان، مهما اختلفت الحلول المقترحة.
ونتمنى من يهود المغرب ان يلعبوا الدور المنتظر منهم في نقل ثقافة . تمغربيت . ثقافة السلام والمحبة والوسطية والعيش المشترك التي حملوها معهم من المغرب حفاظا على دولة اسرائيل التي اختاروا العيش فيها .
محمد الغزاوني رئيس جمعية مبادرة للمواطنة والحقوق
الدار البيضاء في فاتح غشت 2025.
Aucun commentaire
Écrivez le premier commentaire.