تشهد الساحة الوطنية بالمغرب نقاشات تساهم فيها عدة فعاليات ، تتعلق بعملية مرحبا 2025
ومن ضمن القضايا المطروحة الى جانب مسألة اقبال او عزوف مغاربة العالم على عملية مرحبا -موضوع سنتناوله في مكان اخر – تثار بقوة العديد من القضايا التي يوليها المغاربة المقيمين بالخارج اهمية كبيرة .ومنها عدم تفعيل إصلاح مجلس الجالية المغربية بالخارج وهو ما ما أثار جدلاً واسعاً داخل المغرب وفي أوساط مغاربة العالم . خاصة مع تصاعد الانتقادات بشأن التناقض بين الشعارات الرسمية حول العناية بالمهاجرين و الواقع الفعلي الذي يميز السياسات المعتمدة.
// أولاً: ما هي عملية مرحبا؟
هي عملية تنظمها السلطات المغربية كل صيف لتأمين عودة المغاربة المقيمين بالخارج إلى الوطن، اذ تعلن على عدد من التسهيلات الجمركية، والمرافقة الصحية والأمنية في الموانئ والمطارات. وتعد هذه العملية من مظاهر رعاية الدولة لمواطنيها المقيمين بالخارج.
// ثانياً: – خلفيات النقاش الحاد الذي رافق عملية سنة 2025
1. الهوة بين الاقوال والافعال .
فرغم الخطاب الرسمي المتكرر عن العناية بالجالية ، إلا أن هناك إحباطاً متزايداً في أوساط المهاجرين بسبب:
البطء أو إهمال تفعيل إصلاح المؤسسات التي تمثلهم (مجلس الجالية نموذجًا).واخراج قانون المؤسسة المحمدية كما جاء في خطاب جلالة الملك ليوم 06/011/2024 .
غياب مشاركة فعلية المغاربة المقيمين بالخارج في صنع القرار السياسي . واقصائهممن جميع مؤسسات الحكامة .
– رغم التحسن النسبي في الخدمات القنصلية هناك اشكي من ضعف الخدمات القنصلية والإدارية في بلدان الإقامة.
2. تأخر إصلاح مجلس الجالية
منذ الخطاب الملكي في السادس من نونبر 2024، الذي دعا إلى مراجعة أدوار وهيكلة المجلس، و اخراج قانون المؤسسة المحمدية . الا انه لم تتم ترجمة ذلك إلى خطوات عملية.
وذلك إلى جانب غياب أي محاسبة، للمجلس الحالى الذي لا تتوفر فيه اي تمثيلية حقيقية تعكس تنوع الجالية. وهذا يفهمه البعض بانه يدل على وجود مقاومة بيروقراطية و سياسية لتفعيل إلاصلاحات التي امر بها جلالة الملك .و بأنها كذلك تعبر عن خشية اطراف سياسية من صعود أصوات جديدة مستقلة قد تهدد حساباتها ونفوذها .
وهي مخاوف يثيرها بالخصوص الجيل الثاني والثالث، الذين أصبحوا أكثر تنظيماً وجرأة في المطالبة ب ـ:
– حقهم في المشاركة السياسية.و في رفض مؤسسات “تمثلهم” دون أن تكون منتخبة.
– تدخل حكومة بلدهم لحماية حقوقهم في بلدان الإقامة، والتصدي للتمييز و التضييق عليهم.
03- . توظيف ظرفية عملية مرحبا في موسم الصيف هو لحظة رمزية ومادية مهمة لتقاطع مصالح الجالية والدولة.ولهذا تتصاعد
النقاشات لان العودة الموسمية تبرز الاحتكاك المباشر مع الإدارة المغربية (الجمارك، الأمن، القنصليات.الغلاء ….)، مما يفتح
المجال لتفجر الشكوى الجماعية
// ثالثاً: أبعاد سياسية أعمق….
يعتقد الكثير من مغاربة العالم بأن الحكومة تنظر اليهم كمورد مالي هام (أكثر من 100 مليار درهم سنويًا من التحويلات).
لكن على المستوى السياسي، ما زالوا مقصيين رغم أنهم يمثلون ما يناهز 14% من السكان.
وهذا ما يعتقد معه ان هناك تخوفا ضمنيا لدى بعض الأطراف من أن إدماج الجالية في المؤسسات سيؤدي إلى إعادة تشكيل المشهد السياسي المغربي، خاصة إذا شاركت نخب مستقلة أو منتقدة للأوضاع القائمة بمنظار ليبرالي حقيقي لا يروق بعض الأطراف التي تقدم نفسها بأنها ليبرالية .
// رابعاً: من بين ما يمنتظره مغاربة المهجر .
– المطالبة بتفعيل إصلاح مجلس الجالية وفق مبادئ الشفافية والتمثيلية والتعددية. وفق معايير الديمقراطية الحقيقية وليست الصورية والشكلية التي تتم بها الأمر كما هو متهود .
– تفعيل حق الجالية في التصويت والترشح من دول الإقامة، كما ينص عليه دستور 2011.
– تحديث شامل لعلاقة الدولة بالمغاربة بالخارج، تقوم على الاحترام المتبادل والاستماع العملي وليس على المستوى الشفوي فقط.
وفي الاخير نجد أنفسنا أمام نقاش حاد حول عملية مرحبا 2025 و حول إصلاح مجلس الجالية ، يكشف أزمة أعمق مفادها أن المغاربة بالخارج لم يعودوا يقبلون بأن ينظر اليهم بأنهم فقط موردا ماليا ويكتفى في حقهم بخطابات عاطفية ، بل أصبحوا قوة مدنية وسياسية تطالب بالمواطنة الكاملة. و يظهر بأن الأمر اصبح يتعلق بتحد سيتعاظم مستقبلاً إذا لم تبادر الدولة بإصلاحات فعلية ومقنعة.
محمد الغزاوني رئيس جمعية مبادرة للمواطنة والحقوق