متقاعدات ومتقاعدو القطاع العام والخاص يوحدون جهودهم للترافع حول الحق في تحسين اوضاعهم المادية والاجتماعية

نقلا عن العاصمة بريس/الرباط بدون تصرف…

مر الاتفاق الثلاثي المسمى تاريخيا حول الحوار الاجتماعي قبل أيام في ظل ارتفاع معدل التضخم بالبلاد،لكن حالة المعاشات بقيت دون أدنى اهتمام من قبل أطراف الحوار، حكومة ونقابات و باطرونا ،وعاد أصحابها بخفي حنين كعادتهم في معظم جولات الحوار الاجتماعي.

ومن أجل رفع الحيف والظلم عن أوضاع المتقاعدين، انعقد اجتماع أولي يوم الاثنين 6 ماي 2024 بالمقر الإداري لجمعية الأعمال الاجتماعية بقطاع الإتصال بالرباط حضرته زمرة من المتقاعدين يمثلون جمعيات لهم من القطاعين العام والخاص،حيث تدارسوا سبل البحث في إمكانيات المطالبة بتحسين أوضاع ذوي المعاشات الذين غمطتهم الحكومة والنقابات حقهم في العيش الكريم بعدما أفنوا زهرة شبابهم وسنوات أعمارهم في خدمة القطاعات التي كانوا ينتمون إليها.

وقد اتفق الحاضرون على تنسيق الجهود من أجل الترافع حول الحق في تحسين الأوضاع المادية والاجتماعية للمتقاعدين الذين تنكرت لهم النقابات والحكومة على حد سواء.

كما تقرر في هذا الاجتماع الأولي أيضا جعل الترافع حول مطالب المتقاعدين منطلقا من خطوات عملية أساسية تبدأ بحملة تحسيسية في أوساط الرأي العام قصد لفت الانتباه لأوضاع المتقاعدين المغاربة التي يشوبها القلق وعدم الرضا في جو تسوده الزيادات الصاروخية المتواترة لتكاليف المعيشة وكذا الارتفاع المتزايد في سلة العلاجات مع تقدم العمر لدى المتقاعدين في القطاعين العام والخاص.

جمعيات المتقاعدين قوة اقتراحية
وللتذكير أيضا،فإن جمعيات المتقاعدين المنتشرة بربوع الوطن ينبغي أن تكون لها قوة اقتراحية في غياب شبه كلي لصوت المتقاعد لدى النقابات.

وتعد جمعية قدماء موظفي البرلمان وجمعية قدماء موظفي الاتصال وغيرهم من أعضاء الجمعيات الفاعلة في الميدان كنزا ثمينا لا غنى عنه بالنظر للخبرات والتجارب المكتسبة طيلة مسارهم المهني،مما يؤهلهم –دون أدنى شك – لتشكيل قوة اقتراحية فاعلة في أفق المساهمة في إبداء الرأي وتفعيل عدد من المشاريع التنموية في ظل التعبئة الوطنية الشاملة لإقرار النموذج التنموي الجديد الذي طالب به قائد الأمة جلالة الملك محمد السادس نصره الله والذي هو في حاجة ماسة إلى انخراط شامل من جميع مكونات و كفاءات ومؤهلات الوطن بغية إنجاحه خلال السنوات القادمة.

المساواة في حق العيش الكريم؟
ففي ظل وضعية معيشية قاسية ومتواصلة, الله وحده يعلم مداها و ارتفاعات متوالية في أسعار المحروقات وجل المواد الاستهلاكية المحلية والمستوردة وجشع الشركات الكبرى الوطنية والأجنبية على وجه الخصوص و المضاربين والوسطاء والسماسرة الذين لا خلاق لهم،تأبى الحكومة والنقابات إلا أن تعطيا بالظهر للمتقاعدين و تنحيا ببصرهما عنهم هم وأسرهم وأبنائهم من المواطنين من دافعي الضرائب أيضا.
وبالمقابل، يحظى كبار المسؤولين وأعضاء الحكومة والبرلمان والمدراء ورؤساء المجالس والصناديق و الشركات المملوكة للدولة والهيئات الرسمية وأعضاؤها بسخاء التعويضات والامتيازات العينية والمادية وارتفاع الرواتب الشهرية عندهم من قبل الحكومة نفسها وما ينفق على بعض المؤسسات الرسمية كالجامعة الملكية المغربية لكرة القدم التي يرأسها الوزير ذاته المكلف بتدبير ميزانية الدولة السيد فوزي لقجع ناهيك عن بعض المهرجانات التي ترعاها وزارة الثقافة من المال العام وغيره كثير مما لا يتسع المجال لذكره هنا.
بل إن ترتيب متوسط معاش الموظف المغربي بين معاشات موظفي الدول العربية ليس في أحسن حال وخلفه فقط موظفو تونس ومصر والجزائر بينما يتفوق عليه نظراؤه في متوسط المعاش ببلدان الخليج وحتى بالأردن والعراق وفلسطين علما بأن معظم الدول تزيد في معاشات مواطنيها كلما تطلبت حالة المعيشة ذلك من وقت لآخر.

حلول عملية مالية وعينية لوضع المتقاعد المتردي
إن الطبقة المتوسطة من المتقاعدين غير الخاضعة معاشاتهم للضريبة ،تكتوي بنار الزيادات المتتالية منذ أن أحيلت على المعاش النسبي أو الكامل أو الاضطراري في جل الأسعار خاصة الأساسية منها إضافة إلى ما تستنزفه الأبناك وشركات التأمين وشركات القروض والنقل والإسكان والمدارس الخصوصية والمؤسسات الحكومية والجماعات المحلية من مبالغ مالية ورسوم التنبر والتسجيل وما شابه ذلك، كلما اضطر متقاعد منها إلى قضاء حاجة ضرورية عندها له أو لأبنائه ولذويه ، هو أمر ينبغي مراجعته وتقنينه إما بالزيادة في المعاش لهاته الفئة أو منح تسهيلات ضريبية و تسعيرية أو تحفيزية ومساعدات اجتماعية خاصة بها رفقا بأحوالها المعيشية وعملا بالحق الدستوري في العدالة الأجرية بين كافة المواطنين والمواطنات ,علما بأن تلكم النفقات الضرورية تخرج إربا إربا من راتب معاشها غير المريح والمجمد بغير حراك والذي أضحى سريع الذوبان بين عشية وضحاها. ويمكن للحكومة حقيقة مثلما هو معمول به في كثير من الدول أن تحدث بطاقة “مزايا” آلية أو بطاقة تخفيض وطنية معالجة ومراقبة إلكترونيا للمتقاعدين تشمل تخفيضات “مهمة في سوق الاستهلاك المحلي “،خاصة بالمراكز والأسواق التجارية الكبرى لتأمين احتياجاتهم المعيشية ولذوي حقوقهم,وقد تتضمن تسهيلات (تجارية، تعليمية، صحية، رياضية، ترفيهية، سياحية، سكن وتغذية وتنقل إلخ ..).ويمكن أن تمنح بطاقة التخفيض للمتقاعد ما لا يقل عن 50% على الرسوم والضرائب التي تفرضها الحكومة ،كما قد يعفى من أداء الرسوم الجماعية أو من بعضها، وطرح تحفيزات مادية أو عينية على مستوى اقتناء المقررات الدراسية الغالية الثمن وواجبات التمدرس الشهرية التي تذهب بثلث أو نصف راتب المعاش والتأمين والأنشطة الموازية لفائدة أسر المتقاعدين والمتقاعدات الذين اضطرتهم إكراهات التعليم العمومي إلى تدريس أبنائهم بمؤسسات التعليم الخصوصي واقتراح منح هذه الشريحة المهضومة الحقوق والتي لا تستفيد من الزيادة في معاشاتها، مزيداً من الامتيازات، لتكون سبل العيش ميسرة لها في زمن التهاب الأسعار وارتفاع تكاليف المعيشة عملا بمفهوم الحق في العدالة الأجرية و مفهوم الإنصاف في توزيع ثروات البلاد حفاظا على السلم الاجتماعية والقدرة الشرائية لكافة المواطنين والمواطنات داخل هذا الوطن الغالي، أسد إفريقيا والبوابة الجيو-استراتيجية للعديد من اقتصاديات واستثمارات العالم ،والذي يحسد على درجة أمنه ووحدة كيانه وبعد شعبه عن الطائفية القاتلة والفتن الضالة المضلة ..فاللهم زده أمنا على أمنه وقوة إلى قوته ليبقى شامخا شموخ الجبال وهو يتربع على عرش أعلى قمة الخارطة الإفريقية. وحسبنا الله ونعم الوكيل.
نحن نريد مجتمعا فيه التساكن المريح والتعايش السلمي ، واستفادة الجميع من ثروات البلاد البرية والبحرية والشمسية والجوفية والجوية ، فكيف يعقل أن تظل الفوارق صارخة بين فئة تسبح في نعيم الأموال وتمشي الخيلاء على طريق مفروشة بأوراق نقدية لا تعد ولا تحصى من العملة الصعبة ومن عملة البلد ، مقابل تجمد الرواتب والأجور مع ارتفاع صاروخي يومي في أسعار مؤشر العيش لدى الفئات الوسطى والدنيا من المجتمع المفروشة طريقهم بالأشواك وصعوبات مواجهة الحياة ، وهل من المعقول أن يقترح إضافة مائة درهم فقط في التعويضات العائلية عن كل طفل ، أليس هذا إجحاف في حق الطفولة ومتطلباتها ، فلم لا يرتفع المبلغ مثلا إلى خمسمائة أو ستمائة درهم على الأقل لكل طفل ، وهو مبلغ هزيل على كل حال بالمقارنة مع دول أخرى تشبهنا أو تفوقنا مع الزيادة في نسبة المعاش التي قررت سابقا للموظفين وللوزراء أيضا المحددة في ستمائة درهم ، بحكم أن هذه الفئة الاجتماعية تعاني من الزيادات في الأسعار وتواجه في ذات الوقت السكون التام بل التآكل المتواصل في مبلغ المعاش الذي يصرف لها وهي المعرضة أكثر لمختلف موبقات أمراض العصر بحكم السن وما حصدته من متاعب في سنوات العمل التي قضتها قبل إحالتها على المعاش النسبي أو الكامل

تفعيل الزيادة في الراتب الأساسي و دعم الأعمال الاجتماعية
شيء آخر وجب التذكير به،هو مسألة إعادة تفعيل الزيادة في الراتب الأساسي حتى يستفيد صاحب المعاش من كل زيادة كما نص عليه المشرع الذي راعى كلفة المعيشة مع مر السنين.

وكذا توفير دعم مالي خاص ومهم ،شهري وسنوي للمتقاعدين من ميزانية الأعمال الاجتماعية مع تكلف الإدارات والشركات بضخ المساهمات المالية المخصصة لها بزيادة سنوية تراعي هذا الشأن الاجتماعي لمن فقدوا نشاطهم الفعلي بها بعدما أدوا الخدمات المطلوبة منهم طوال سنين مضت.

بقلم: عبدالفتاح المنطري

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*