بيان حول ازمة الماء

ندرة المياه
انطلاقا من الادوار التي خص بها دستور المملكة جمعيات المجتمع المدني، وما يوليه اياها جلالة الملك من عناية… وعملا بدواعي تأسيس جمعية مبادرة للمواطنة والحقوق، التي نصت عليها ديباجة قانونها التأسيسي. فان المكتب الوطني لهذه الجمعية يتابع باهتمام كبير، قضايا الماء وتداعياتها في بلادنا، وكذلك إشكاليات تدبير النذرة في هذه المادة التي تتوقف عليها الحياة بأوسع معانيها، حيث دخلت بلادنا رسميا في حالة طوارئ مائية بعد ست سنوات متتالية من الجفاف في ظل التحولات المناخية ذات الانعكاسات الكارثية… واذ نسجل ان هذه الوضعية سبق أن حذرت منها عدة تقارير ودراسات منذ عقود، تؤكد أن المغرب يعاني من حالة جفاف مزمن … لكن السياسات المائية التي اتبعها الفاعل العمومي، ظلت تتجاهل هذا المعطى، وفضلت مشاريع فلاحية ساهمت في تبديد كبير لحقينه السدود وفي تجفيف للعديد من الفرشات المائية وذلك بمبرر الزيادة في الانتاج وجلب العملة الصعبة دون أخذ بعين الاعتبار للزراعات النفعية و آفاق المستقبل واستدامة الحياة … صحيح أن بلادنا انتهجت سياسة مائية استباقية، راكمت ايجابيات كبيرة وخاصة سياسة تشييد السدود .. الا ان مشاريع السدود التي كانت مبرمجة، تعثر إنجازها خلال السنوات الاخيرة، مما ساهم في التأثير السلبي على سعة الطاقة التخزينية للماء، الى جانب ظاهرة توحل السدود التي لا تتوفر على نظام ذاتي للتخلص من الاوحال. وانضاف ذلك للمشاريع الفلاحية الغير مدروسة العواقب، التي أنهكت الفرشات المائية وبددت حقينه السدود. واليوم وقد أصبحت التقارير الوطنية الدولية تؤكد حالة الاجهاد المائي وضرورة اتخاد سياسات حازمة تروم تدبيرا أحسن وناجعا لهذه الموارد مع العمل على تكثيف اليقظة تجاه الانتهازيين الذين قد يستغلون مجهودات التدبير لزيادة مساحاتهم المسقية ..وهكذا، والحالة هذه؛ فإن جمعيتنا تدعو إلى مواجهة قضايا نذرة الماء وتداعياتها التي تهدد الحياة البيولوجية والاجتماعية والاقتصادية؛ الى جانب تهديد السيادة المائية والغذائية لبلادنا، وترفع من ظاهرة الهجرة نحو المدن. ونرى أن الامر لم يعد يسمح بالمزيد من الانزلاقات والممارسات الخاطئة التي ساهمت الى تاريخه في حدوث ما نحن بصدده.
ولهذا فان المكتب الوطني للجمعية يحذر من القرارات التي تصاغ في المكاتب المغلقة والتي لا تراعي سوى انسجامها مع منطقها الداخلي. والحال اننا في حاجة لقرارات ومخططات منسجمة مع الواقع ومتطلباته، وهي متنوعة ومختلفة من جهة أخرى …
كما يدعو الى التريث حتى لا نغلق الافاق في وجه سكان الوسط القروي والدفع بهم للتخلي عن مواشيهم واراضيهم والالتحاق بهوامش المدن. فالصرامة اللازمة في مناطق الفرشات المائية، يجب ان الا تعمم على المناطق التي بها مياه جوفية مغايرة للفرشات …. ان الامر يتطلب الكثير من الحكمة واعتماد التشاور والاستماع والاستئناس بمعرفة الاحوال والخصوصيات التي تطبع هذه الجهة اوتلك. وذلك حتى لا نتخذ قرارات تؤدي إلى نتائج محملة بالاخطار وتهدد بخنق الحياة وفرملة الانتاج.
وفي الاخير، فان جمعيتنا إذ تعمل على برمجة أنشطة تطوعية في مجال التعبئة والتحسيس وتسعى للتعاون مع المؤسسات الجامعية، فإنها في نفس الوقت تثير انتباه كل الفاعلين الى ضرورة التزام الجدية في اقصى درجاتها في مجال تدبير ندرة الماء والحذر الشديد من القرارات المتسرعة التي قد تكون لها انعكاسات تعمق الازمة، بدل احتوائها وتقليص تداعياتها. كما ننبه إلى ضرورة إعطاء الاولوية للدعم والمساعدة لسكان القرى بما يساعدهم على تثبيتهم في قراهم. وذلك بالاعانات المادية ومواد العلف وبالتأطير والارشاد الذي يطور نشاطهم وأساليب تربية مواشيهم، والسماح لهم باستغلال المياه الجوفية في المناطق البعيدة عن الفرشات المائية. وبما يتلاءم مع الحالة المائية القائمة .

وحرربالدار البيضاء في 4مارس2024
الامضاء رئيس الجمعية

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*