في إطار تتبعه للاحتجاجات ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي ، التي تعرفها بعض جهات المملكة . عقد المكتب الوطني لجمعية مبادرة للمواطنة والحقوق ، اجتماعا له يوم 5 يونيو 2017 تدارس خلاله هذه الاحتجاجات بصفة عامة، إلا أن حراك مناطق إقليم الحسيمة حضي باهتمام خاص ، نظرا لبعض خصوصياته ، التي أثارت الكثير من الهواجس والتخوفات ، وما رافقها من تحليلات وآراء ومواقف متباينة .
وقد اعتبر المكتب الوطني للجمعية ، أن الاحتجاج السلمي من أجل مطالب اقتصادية واجتماعية ، هي من حيث المبدأ ، أمور مشروعة ، وتعد ظاهرة صحية ، في البلدان التي بلغت درجة مقبولة من الانفتاح الديمقراطي ، والتوسع في الحريات .
كما سجل أن هذه الاحتجاجات لا يمكن فهمها بعيدا عن التحولات التي يعرفها المجتمع المغربي ، وعن التراكمات السلبية التي عرفتها الساحة المغربية . فرغم الإصلاحات الدستورية ، والاوراش المفتوحة ، فان التأخر في تنزيل أحكام الدستور ، وتعثر ا صلاح التعليم والصحة ، واستمرار تغول الفساد وتحكم عقليات بائدة في مفاصل الإدارة ، وعدم الإنصات للسكان والتقرب من قضاياهم ، وتواضع وتيرة التنمية ، إلى جانب الفراغ الحكومي الذي خيم على البلاد لعدة أشهر و ما رافقه من تعطيل للمصالح مما أعطى الانطباع بان الأمر يتعلق بصراع من اجل الغنائم الانتخابية دون اعتبار للمصالح العليا للوطن وقضايا الشعب . دون إغفال للتذمر الذي يعم بعض مزارعي مناطق الشمال، الذي يستغل بدوره لتحريك غضب الناس. إن هذه الاحتجاجات لا يمكن أن ننظر إليها حاليا ، إلا باعتبارها ردود فعل مشروعة، تعبر عن طموحات شعبية تنشد تنمية مندمجة تضمن متطلبات العيش الكريم، وتوفر العدالة والمساواة للإنسان وللمجال .
إلا أن احتجاجات الحسيمة التي دامت لعدة شهور ، دون أن يتعرض المحتجون للمنع أو للتعنيف ، بدأت ترافقها بعض التصرفات الغاضبة والانزلاقات غير المحسوبة ، وذلك على مستوى الممارسة والخطاب و الرمزية (رفع علم يوحي بالمس بالوحدة الوطنية ) ، ويتم ذلك في غياب دور الأحزاب السياسية في تاطير المواطنين والدفاع عن مطالبهم . أما السلطات فلم تبادر في الوقت المناسب إلى الإنصات والتجاوب مع مطالب السكان بكيفية فعالة .
والحالة هذه ، فان جمعية مبادرة للمواطنة والحقوق ، التي تنطلق من السعي إلى بث روح المواطنة و ثقافة السلوك المدني ، والتشبث بنبل مبادئ حقوق الإنسان ومناهضة التطرف، ودعم فضائل الاستقرار والثقة في المستقبل ، لتعبر عن الأمل في أن تتجه السلطات العمومية بصفتها الجهة المسئولة ، إلى نهج سياسة واضحة و بإرادة قوية ، تعطي الأولوية لمتطلبات ومطالب المواطنين في الحسيمة كما في كل جهات المملكة … سياسة منصفة ، لا مكان فيها للفساد والمفسدين و لاقتصاد الريع … سياسة تشعر معها جميع الأطراف بأنها مسئولة ومطالبة بتقديم التضحيات التي يتطلبها أمن واستقرار الوطن … سياسة تصان في ظلها الكرامة وتحترم الحريات والحقوق .
وأمام ما يعرفه إقليم الحسيمة من احتقان ومن انزلا قات ، ووعيا منه بحاجة البلاد إلى كل أبنائها ، لانجاز اوراشها في أجواء من الأمن و السكينة ، فان المكتب الوطني لجمعية مبادرة للمواطنة والحقوق ،لا يمكنه والحالة هذه ، إلا أن يتوجه بالنداء إلى جميع الأطراف: حكومة وأحزابا سياسية ونقابات، وجمعيات المجتمع المدني ووسائل إعلام ووسائط التواصل وبالخصوص إلى أبناء الحسيمة ، ونشطاء الحراك، بان يتجه الجميع للتهدئة ، ولوضع حد للمزايدات والتوترات ، ودرء كل ما قد تؤدي إليه من تداعيات وأهوال تطال الجميع .
إن الأمل لكبير في التعقل والذكاء المتأصلين لدي أبناء الحسيمة وعموم الريف الشامخ . فلا نشك في أن وطنيتهم وإقدامهم وشهامتهم ستنتصر ، على انفعالات الغضب وعلى كل نزوع أو اختراق غير سليم ، فليحتل خطاب العقل والحكمة ، مكان خطاب الكراهية والانفعال وتهييج المشاعر . ولنعمل من اجل أن تلتئم الجراح – جراح كل المغاربة – بدل فتح المزيد منها ، وليسعى الحسيمون بنبوغهم المعهود و تسامحهم المشهود ، إلى أن يعود الأبناء إلى أحضان أمهاتهم و أسرهم . وذلك من اجل أن تنعم الحسيمة بجمالية هدوئها وجاذبية أهلها ومجالها ، وليطمئن كل المغاربة على أهلهم وعلى وطنهم . وما ذلك على أهل الريف بعزيز.
المكتب الوطني